المتوكل على الله : أبو العز عبد العزيز بن يعقوب بن المتوكل على الله
ولد سنة تسع عشرة و ثمانمائة و أمه بنت جندي اسمها حاج الملك و لم يل والده الخلافة و نشأ معظما مشارا إليه محبوبا للخاصة و العامة بخصالة الجميلة و مناقبه الحميدة و تواضعه و حسن سمته و بشاشته لكل أحد و كثرة أدبه و له اشتغال بالعلم قرأ على والدي و غيره و زوجه عمه المستكفي بابنته فأولدها ولدا صالحا فهو ابن هاشمي بين هاشميين و لما طال مرض عمه المستنجد عهد إليه بالخلافة فلما مات بويع بها يوم الأثنين سادس عشر المحرم بحضرة السلطان و القضاة و الأعيان و كان أراد أولا التقليب بـ [ المستعين بالله ] ثم وقع التردد بين المستعين و المتوكل و استقر الأمر على المتوكل ثم ركب من القلعة إلى منزله المعتاد و القضاة و المباشرون و الأعيان بين يديه و كان يوما مشهودا ثم عاد من آخر يومه إلى القلعة حيث كان المستنجد ساكنا بها
ففي هذه السنة سافر السلطان الملك الأشرف قايتباي إلى الحجاز برسم الحج و ذلك أمر لم يعهد لملك أكثر من مائة سنة فبدأ بزيارة المدينة الشريفة و فرق بها ستة آلاف دينار ثم قدم مكة و فرق بها خمسة آلاف دينار و قرر بمدرسته التي أنشأها بمكة شيخا و صوفية و حج و عاد و زينت البلد لقدومه أياما
و في سنة خمس و ثمانين خرج عسكر من مصر عليهم الدوادار يشبك إلى جهة العراق فالتقوا مع عسكر يعقوب شاه بن حسن بقرب الرها فكسر المصريون و قتل منهم من قتل و أسر الباقون و أسر الداوادار و ضرب عنقه و ذلك في النصف الثاني من رمضان و العجيب أن الداوادار هذا كان بينه و بين قاضي الحنفية شمس الدين الأمشاطي بمصر وقعة كبيرة و كل منها يود زوال الآخر فكان قتل الدوادار بشاطىء الفرات و موت الأمشاطي بمص في يوم واحد
و في سنة ست و ثمانين زلزلت الأرض يوم الأحد بعد العصر سابع عشر المحرم زلزلة صعبة ماجت منها الأرض و الجبال و الأبنية موجا و دامت لحظة لطيفة ثم سكنت فالحمد لله على سكونها بسببها شرافة من المدرسة الصالحية على قاضي القضاة الحنفي شرف الدين بن عيد فمات فأنا لله و إنا إليه راجعون
و في هذه السنة في ربيع الأول قدم إلى مصر من الهند رجل يسمى خاكي و زعم أن عمره مائتان و خمسون سنة فاجتمعت به فإذا هو رجل قوي لحيته كلها سوداء لا يجوز العقل أن عمره سبعون سنة فضلا عن أ كثر من ذلك و لم يأت بحجة على ما يدعيه و الذي أقطع به أنه كذاب و مما سمعته منه أنه قال : أنه حج و عمره ثمان عشرة سنة ثم رجع إلى الهند فسمع بذهاب التتار إلى بغداد ليخذوها و إنه قدم إلى مصر زمن السلطان حسن قبل أن يبني مدرسته و لم يذكر شيئا يستوضح به على قوله
و فيها ورد الخبير بموت السلطان محمد بن عثمان ملك الروم و أن والديه اقتتلا على الملك فغلب أحدهما و استقر في المملكة و قدم الآخر إلى مصر فأكرمه السلطان غاية الإكرام و أنزله ثم توجه من الشام إلى الحجاز برسم الحج
و في شوال قدمت كتب من المدينة الشريفة تتضمن أن في ليلة ثالث عشر رمضان نزلت صاعقة من السماء على المئذنة فأحرقتها و أحرقت سقوف المسجد الشريف و ما فيه من خزائن و كتب و لم يبق سوى الجدران و كان أمرا مهولا
مات يوم الأربعاء سلخ الهحرم سنة ثلاث و تسعمائة و عهد بالخلافة لابنه يعقوب و لقبه [ المستمسك بالله ]
و هذا آخر ما تيسر جمعه في هذا التاريخ و قد اعتمدت في الحوادث على تاريخ الذهبي و انتهى إلى سنة سبعمائة ثم على تاريخ ابن كثير و انتهى إلى سنة ثمان و ثلاثين و سبعمائة ثم على المسالك و ذيله إلى سنة ثلاث و سبعين ثم على [ أنباء الغمر ] لابن حجر إل سنة خمسين ثمانمائة
و أما غير الحوادث فطالعت عليه تاريخ بغداد للخطيب عشر مجلدات و تاريخ دمشق لابن عساكر سبعة و خمسين مجلدا و الأوراق للصولي سبع مجلدات و الطيوريات ثلاث مجلدات و الحلية لأبي نعيم تسع مجلدات و المجالسة للدينوري و الكامل للمبرد مجلدين و أمالي ثعلب مجلد و غير ذلك و قد عمل بعض الأقدمين أرجوزة في أسماء الخلفاء و وفياتهم انتهى إلى أيام المعتمد |