المستكفي بالله : أبو الربيع سليمان بن المتوكل
ولي الخلافة بعهد من أخيه و هو شقيقه و كتب له والدي رحمه الله نسخة العهد
و هذه صورتها : هذا ما أشهد به على نفسه الشريفة حرسها الله تعالى و حماها و صانها من الأكدار و رعاها سيدنا و مولانا ذو المواقف الشريفة الطاهرة الزكية و الإمامية الأعظمية العباسية النبوية المعتضدية أمير المؤمنين و ابن عم سيد المرسلين و وارث الخلفاء الراشدين المعتضد بالله تعالى أبو الفتح داود أعز الله به الدين و أمتع ببقائه الإسلام و المسلمين أنه عهد إلى شقيقه المقر العالي المولوي الأصلي العريقي الحسيبي النسيبس الملكي : سيدي أبي الربيع سليمان المستكفي بالله عظم الله شأنه بالخلافة المعظمة و جعله خليفة بعده و نصبه إماما على المسلمين و عهدا شرعيا معتبرا مرضيا نصيحة المسلمين و وفاء بما يجب عليه من مراعاة مصالح الموحدين و اقتداء بسنة الخلفاء الراشدين و الأئمة الهديين و ذلك لما علم من دينه و خيره و عدالته و كفايته و أهليته و استحقاقه بحكم أنه اختبر حالة و علم طويته و أن الذي يدين الله به أنه أتقى ممن رآه و أنه لا يعلم صدر منه ما ينافي استحقاقه لذلك و أنه إن ترك الأمر هملا من غير تفويض للمشار إليه أدخل إذ ذاك المشقة على أهل الحل و العقد في اختيار من ينصبونه للإمامة و يرتضونه لهذا الشأن فبادر إلى هذا العهد شفقة عليهم و قصدا لبراءة ذمتهم و وصول الأمر إلى من و أهله لعمله أن العهد كان غير محوج إلى رضا سائر أهله و واجب على من سمعه و تحمل ذلك من أن يعمل به و يأمر بطاعته عند الحاجة إليه و يدعو الناس إلى الانقياد له فسجل ذلك عليه من حضره حسب إذنه الشريف و سطر عن أمره قبل ذلك سيدي المستكفي أبو الربيع سليمان المسمى فيه عظم الله شأنه قبولا شرعيا
و كان من صلحاء الخلفاء صالحا دينا عابدا كثير التعبد و الصلاة و التلاوة كثير الصمت منعزلا عن الناس حسن السيرة
و قال في حقه أخوه المعتضد : لم أر على أخي سليمان منذ نشأ كبيرة
و كان الملك الظاهر يعتقده و يعرف له حقه و كان والدي إماما له و كان عنده بمكان رفيع خصيصا به محترما عنده جدا و أما نحن فلم ننشأ إلا في بيته و فضله و آله خير آل دينا و عبادة و خيرا و ما أظن أنه وجد على ظهر الأرض خليفة بعد آل عمر بن عبد العزيز أعبد من آل بيت هذا الخليفة
مات في الجمعة سلخ ذي الحجة سنة أربع و خمسين و له ثلاث و ستون سنة و لم يعش والدي بعده إلا أربعين يوما و مشى السلطان في جنازته إلى تربته و حمل نعشه بنفسه
مات في أيامه من الأعلام : التقي المقريزي و الشيخ عبادة و ابن كميل الشاعر و الوفائي و القاياتي و شيخ الإسلام ابن حجر |