كتب الأخلاق و الرقائق - التخويف من النار
 
ابن رجب الحنبلي
الباب السادس والعشرون

الباب السادس والعشرون في ضرب الصراط على متن جهنم وهو جسر جهنم ومرور الموحدين عليه روى زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر حديثا طويلا قال ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة فيقولون اللهم سلم سلم قيل يا رسول الله وما الجسر قال دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسكة تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمره المؤمن كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكردس على وجهه في النار خرجاه في الصحيحين وفي رواية للبخاري حتى يمر آخرهم يسحب سحبا وفي رواية لمسلم قال أبو سعيد الخدري بلغني أن الجسر أدق من الشعر وأحد من السيف وروى آدم بن أبي اياس في تفسيره حدثنا أبو عمرو الصنعاني عن زيد بن أسلم فذكر الحديث ولفظه يمر المؤمنون على الصراط بنورهم فمنهم من يمر كطرف العين وذكر الحديث وخرجا في الصحيحين أيضا من حديث الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي هريرة عن النبي صل ى الله عليه وآله وسلم فذكر الحديث وفيه قال ويضرب الجسر بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيزه ولا يتكلم في ذلك اليوم إلا الرسل ودعوة الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم السعدان قالوا نعم يا رسول الله قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمتها إلا الله عز وجل تخطف الناس بأعمالهم فمنهم الموبق بعمله ومنهم المجازي حتى ينجي وذكر الحديث وفي آخره قال وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة لا يرد عليه من حديثه شيئا وخرج مسلم من حديث أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة وأبي مالك عن ربعي عن حذيفة كلاهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر حديث الشفاعة وفيه قال فيأتون محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فيقوم ويؤذن له وترسل معه الأمانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا فيمر أولكم كالبرق قال قلت بأبي أنت وأمي أي شئ كمر البرق قال ألم تر إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفه عين ثم كمر الريح ثم كمر الطير وأشد الرجال تجري بهم أعمالهم ونبيكم صلى الله عليه وآله وسلم قائم على الصراط يقول رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد وحتى يجئ الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت بأخذه فمخدوش ناج ومكردس في النار والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعين خريفا وفي حديث الصور الطويل الذي سبقت الإشارة إليه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم كقدر الشعرة أو كحد السيف له كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان دونه جسر دحض مزلقة وهو يشعر بالتفريق بين الجسر والصراط والأحاديث الصحيحة السابقة تدل على أنهما واحد وروى أبو خالد الدالاني عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر حديثا طويلا وفيه قال والصراط كحد السيف دحض مزلة قال فيقولون انجوا على قدر نوركم فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ومنهم من يمر كالطرف ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كأشد الرجال ويرمل رملا فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على ابهام قدميه تخر يد وتتعلق يد وتخر رجل وتعلق رجل فتصيب جوانبه النار خرجه الحاكم وصححه هو وغيره من الحفاظ وفي سنن أبي داود عن الحسن عن عائشة رضي الله عنها أنها ذكرت النار فبكت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مالك يا عائشة قالت ذكرت النار فبكيت فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله وآله وسلم أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد احدا عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل وعند الكتب حين يقال هاؤم أقرءوا كتابيه [ الحاقة 19 ] حتى يعلم أين يقع كتابه أفي يمينه أو من وراء ظهره وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم حافتاه كلاليب كثيرة وحسك كثيرة يحبس الله بها من شاء من خلقه حتى يعلم أينجو أم لا وروى ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحوه إلا أنه ذكر الميزان وتطاير الكتب وخروج عنق من النار وقال ولجهنم جسر أدق من الشعر وأحد من السيف وعليه كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله والناس عليه كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب والملائكة يقولون رب سلم سلم فناج مسلم ومخدوش مسلم ومكردس في النار على وجهه خرجه الامام أحمد وروى أبو سلام الدمشقي حدثني عبد الرحمن حدثني رجل من كندة قال أتيت عائشة فقلت حدثك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه يأتي عليه ساعة لا يملك لأحد فيها شفاعة قالت لقد سألته عن هذا قال نعم حين يوضع الصراط لا أملك لأحد فيه شفاعة حتى أعلم أين يسلك بي ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه حتى أنظر ماذا يفعل بي أو قال يوحى إلي وعند الجسر حين يستحد ويستحر قلت وما يستحد وما يستحر قالت يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف ويستحر حتى يكون مثل الجمرة فأما المؤمن فيجيزه لا يضره وأما المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ وسطه خر من قدميه فهوى بيده إلى قدميه وقالت فهل رأيت من يسعى حافيا فتأخذه شوكة كادت تنفذ قدميه فإنها كذلك يهوي بيده ورأسه إلى قدميه فتضربه الزبانية بخطاف في ناصيته قدميه فتقذفه في جهنم فيهوي فيها مقدار خمسين عاما قلت وما ثقل الرجل قال ثقل عشر خلفات سمان فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام

[ الرحمن 41 ] خرجه بقي بن مخلد في مسنده وابن أبي حاتم في تفسيره وفي إسناده جهالة وفي بعض ألفاظه نكارة والأحاديث الصحيحة تدل على أن الصراط إنما يوضع بعد الإذن في الشفاعة كما سبق وخرج الإمام أحمد من حديث أبي بكرة عن النبي صل ى الله عليه وآله وسلم قال يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقاذع أنه بهم جنبتا الصراط تقاذع الفراش في النار فينجي الله برحمته من شاء وخرج الحاكم من حديث سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يوضع الصراط مثل حد الموسى فتقول الملائكة من ينجو على هذا فيقول من شئت من خلقي فيقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك وقال صحيح قلت المعروف أنه موقوف على سلمان الفارسي من قوله وخرج الحاكم أيضا من حديث أبي رزين العقيلي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال وتسلكون جسرا من النار يطأ أحدكم الجمرة فيقول حس حس فيقول ربك أدنه وخرج البيهقي من حديث زياد النميري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصراط كحد الشفرة أو كحد السيف وإن الملائكة ينجون المؤمنين والمؤمنات وإن جبريل لآخذ بحجزتي وإني لأقول يا رب سلم سلم فالزالون وهو والزالات يومئذ كثير وخرج أيضا من حديث سعيد بن زربي عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال على جهنم جسر مجسور أدق من الشعر وأحد من السيف أعلاه نحو الجنة دحض مزلة بجنبتيه كلاليب وحسك من النار يحبس الله بها من يشاء من عباده الزالون والزالات يومئذ كثير والملائكة بجانبيه قيام ينادون اللهم سلم سلم فمن جاء بحق يومئذ جاز ويعطون النور يومئذ على قدر إيمانهم بأعمالهم فمنهم من يمضي عليه كلمح البرق ومنهم من يمضي عليه كمر الريح ومنهم من يمضي عليه كمر الفرس السابق ومنهم من يشتد عليه شدا ومنهم من يهرول ومنهم من يعطي نوره إلى موضع قدميه ومنهم من يحبو حبوا وتأخذ النار منهم بدنوب صلى الله عليه وسلم أصابوها فعند ذلك يقول المؤمن بسم الله حس حس ويلتوي وهي تحرق من شاء الله منهم على قدر ذنوبهم ثم قال البيهقي في زياد النميري ويزيد الرقاشي وسعيد بن زربي ليسوا بأقوياء خرج أيضا من حديث عبيد بن عمير عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال الصراط على جهنم مثل حرف السيف بجنبتيه الكلاليب والحسك فيركبه الناس فيختطفون والذي نفسي بيده إنه ليؤخذ بالكلوب الواحد أكثر من ربيعة ومضر وهذا مرسل وخرجه من وجه آخر موقوفا على عبيد بن عمير مختصرا وخرج أيضا بإسناده عن ابن مسعود قال الصراط على جهنم مثل حد السيف وخرج الترمذي بإسناد فيه ضعف عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال شعار المؤمنين على الصراط رب سلم سلم ويروي نحوه من حديث أنس مرفوعا بإسناد لا يصح وروى منصور بن عمار عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال شعار أمتي إذا حملوا على الصراط لا إله إلا أنت وهذا فيه نكارة والله أعلم وفي صحيح مسلم عن مسروق عن عائشة أنها سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات قال على الصراط وفيه أيضا عن ثوبان أن حبرا من اليهود سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات قال هم في الظلمة دون الجسر قال فمن أول الناس إجازة قال فقراء المهاجرين وذكر الحديث ويمكن الجمع بين الحديثين بأن الظلمة دون الجسر حكمها حكم الجسر وفيها تقسيم الأنوار للجواز على الجسر فقد يقع تبديل الأرض والسموات وطي السماء من حين وقوع الناس في الظلمة ويمتد ذلك إلى حال المرور على الصراط والله أعلم واعلم أن الناس منقسمون إلى مؤمن يعبد الله وحده لا شرك به شيئا ومشرك يعبد مع الله غيره فأما المشركون فإنهم لا يمرون على الصراط وإنما يقعون في النار قبل وضع الصراط ويدل على ذلك ما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع الشمس من يعبدها ويتبع القمر من يعبد القمر ويتبع الطواغيت من يعبد الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فذكر الحديث إلى أن قال ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيزه وفيهما أيضا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق من كان يعبد الله من بر وفاجر وغير أهل الكتاب فتدعى اليهود فيقال ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد عزير ابن الله فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فماذا تبغون قالوا عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعصا فيتساقطون في النار ثم تدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فيقال لهم ماذا تبغون فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا قال فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر أتاهم رب العالمين فذكر الحديث إلى أن قال فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقا واحدا كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول من صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم وذكر الحديث وعند البخاري في رواية ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها السراب فيقال لليهود ما كنتم تعبدون وذكر الباقي بمعناه فهذا الحديث صريح في أن كل من أظهر عبادة شئ سوى الله كالمسيح والعزير من أهل الكتاب فانه يلحق بالمشركين في الوقوع في النار قبل نصب الصراط إلا أن عباد الأصنام والشمس والقمر وغير ذلك من المشركين تتبع كل فرقة منهم ما كانت تعبد في الدنيا فترد النار مع معبودها أولا وقد دل القرآن على هذا المعنى في قوله تعالى في شأن فرعون يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود [ هود 98 ] وأما من عبد المسيح والعزيز من أهل الكتاب فإنهم يتخلفون مع أهل الملل المنتسبين إلى الأنبياء ثم يردون في النار بعد ذلك وقد ورد في حديث آخر أن من كان يعبد المسيح يمثل له شيطان المسيح فيتبعونه وكذلك من كان يعبد العزير وفي حديث الصور أنه يمثل لهم ملك على صورة المسيح وملك على صورة العزير ولا يبقى بعد ذلك إلا من كان يعبد الله وحده في الظاهر سواء كان صادقا أو منافقا من هذه الأمة وغيرها ثم يتميز المنافقون عن المؤمنين بامتناعهم من السجود وكذلك يمتازون عنهم بالنور الذي يقسم للمؤمنين وقد اختلف السلف هل يقسم للمنافق نور مع المؤمنين ثم يطفأ أو لا يقسم له نور بالكلية على قولين فقال أحدهما إنه لا يقسم له نور بالكلية قال صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر سمع أبا أمامة يقول يغشى الناس ظلمة شديدة يعني يوم القيامة ثم يقسم النور فيعطي المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئا وهو المثل الذي ضربه الله في كتابه قال تعالى أو كظلمات في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نور فما له من نور [ النور 40 ] فلا يستضئ الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضئ الأعمى ببصر البصير ويوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا [ الحديد 13 ] وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين قال عز جلاله يخادعون الله وهو خادعهم [ النساء 241 فيرجعون إلى الموضع الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب إلى قوله وبئس المصير [ الحديد 13 ، 15 ] قال سليم فلا يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور ويميز الله بين سبيل المؤمن والمنافق خرجه ابن أبي حاتم وخرج أيضا من رواية مقاتل بن حيان والضحاك عن ابن عباس ما يدل على مثل هذا القول أيضا ولكنه منقطع والقول الثاني أنه يقسم للمنافقين النور مع المؤمنين كما كانوا مع المؤمنين في الدنيا ثم يطفأ نور المنافق إذا بلغ السور قال مجاهد وروى عتبة بن يقظان عن عكرمة عن ابن عباس قال ليس أحد من أهل التوحيد إلا يعطي نورا يوم القيامة فأما المنافق فيطفأ نوره فالمؤمن يشفق مما يرى من إطفاء نور المنافق فهم يقولون ربنا أتمم لنا نور نا [ التحريم 8 ] وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد نحوه وكذا روى جويبر عن الضحاك وسنذكر في الباب الآتي ان شاء الله من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل صحة هذا القول وقال آدم بن أبي اياس أنبأنا المبارك بن فضلة عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدفع يوم القيامة إلى كل مؤمن نور وإلى كل منافق نور فيمشون معه فبينما نحن على الصراط إذ غشينا ظلمة فيطفأ نور المنافق ويضئ نور المؤمن فعند ذلك قالوا ربنا أتمم لن انور نا واغفر لنا [ التحريم 8 ] حين يطفي نور المنافقين وقد سبق صفة مشي المنافق على الصراط في حديث عائشة وإن كان في اسناده ضعف وروى بشر بن شغاف عن عبد الله بن سلام قال يوضع الجسر على جهنم ثم ينادي مناد أين محمد وأمته فيقوم فتتبعه أمته برها وفاجرها قال فيأخذون الجسر فيطمس الله أبصار أعدائه فيتهافتون فيها شمال ويمين وينجو النبي والصالحون معه ثم ينادي منادي أين عيسى وأمته فيقوم فتتبعه أمته برها وفاجرها فيأخذون بالجسر فيطمس الله أبصار أعدائه فيتهافتون فيها من شمال ويمين وينجو النبي والصالحون معه ثم يتبعهم الأنبياء والأمم حتى يكون آخرهم نوح رحم الله نوحا خرجه ابن خزيمة وغيره وقد تبين بما ذكرنا في هذا الباب من حديث ابن مسعود وأنس وغيرهما أن اقتسام المؤمنين الأنوار على حسب إيمانهم وأعمالهم الصالحة وكذلك مشيهم على الصراط في السرعة والبطء وهذا أيضا مذكور في حديث حذيفة وأبي هريرة وغيرهما وروى أبو الزعراء عن ابن مسعود قال يأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم فيمر الناس على قدر أعمالهم زمرا زمرا أوائلهم كلمح البرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير ثم كمر البهائم حتى يمر الرجل سعيا وحتى يمر الرجل مشيا حتى يجئ آخرهم يتلبط على بطنه فيقول يا رب لم بطأت بي فيقول إني لم أبطئ بك إنما أبطأ بك عملك وذلك أن الإيمان والعمل الصالح في الدنيا هو الصراط المستقيم في الدنيا الذي أمر الله العباد بسلوكه والاستقامة عليه وأمرهم بسؤال الهداية إليه فمن استقام سيره على هذا الصراط المستقيم في الدنيا ظاهرا وباطنا استقام مشيه على ذلك الصراط المنصوب على متن جهنم ومن لم يستقم سيره على هذا الصراط المستقيم في الدنيا بل انحرف عنه إما إلى فتنة الشبهات أو إلى فتنة الشهوات كان اختطاف الكلاليب له على صراط جهنم بحسب اختطاف الشبهات والشهوات له على هذا الصراط المستقيم كما في حديث أبي هريرة إنها تخطف الناس بأعمالهم وروى الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله في قوله تعالى إن ربك لبالمرصاد [ الفجر 14 ] قال من وراء الصراط ثلاثة جسور جسر عليه الأمانة وجسر عليه الرحم وجسر عليه الرب تبارك وتعالى وقال أيفع بن عبدالكلاعي لجهنم سبع قناطر والصراط عليها وذكر أنه يحبس الخلق عند القنطرة الأولى فيسألون عن الصلاة فيهلك من يهلك وينجو من ينجو ويحبسون عند القنطرة الثانية فيسألون عن الأمانة هل أدوها أم أضاعوها فيهلك من يهلك وينجو من ينجو ثم يحبسون عن الثالثة فيسألون عن الرحم وقد ذكرنا فيما تقدم غير حديث في حبس الولاة على جسر جهنم وتزلزل الجسر بهم وخرج أبو داود من حديث معاذ بن أنس الجهني عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال من رمى مسلما بشئ يريد به تشيينه إذا حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال وقد روي بلفظ آخر وهو من قال في مؤمن ما لا يعلم حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن أبي سليمان الداراني قال وصفت لأختي عبدة قنطرة من قناطر جهنم فأقامت يوما وليلة في صيحة واحدة ما أمسكت ثم انقطع عنها بعد فكلما ذكرت لها صاحب قيل له من أي شئ كان صياحها قال مثلت نفسها على القنطرة وهي تكفأ بها وكان أبو سليمان يقول إذا سمعت الرجل يقول لآخر بيني وبينك الصراط فاعلم أنه لا يعرف الصراط ولا يدري ما هو لو عرف الصراط أحب أن لا يتعلق بأحد ولا يتعلق به أحد وكان أبو مسلم الخولاني يقول لامرأته يا أم مسلم شدي رحلك فليس على جسر جهنم معبر وروى ابن أبي الدنيا من طريق معاوية بن أبي صالح عن أبي اليمان أن رجلا كان شابا أسود الرأس واللحية فنام ليلة فرأى في نومه كأن الناس حشروا وإذا بنهر من لهب النار وإذا جسر يجوز الناس عليه يدعون بأسمائهم فإذا دعي الرجل أجاب فناج وهالك قال فدعاني باسمي فدخلت في الجسر فإذا حده كحد السيف يمور بي يمينا وشمالا قال فأصبح الرجل أبيض اللحية والرأس مما رأى وسمع أسود بن سالم رجلا ينشد هذين البيتين أمامي موقف قدام ربي يسائلني وينكشف الغطاء وحسبي أن أمر على صراط كحد السيف أسفله لظاء فغشي عليه وروي عن بشر بن الحارث قال قال لي فضيل بن عياض يا بشر مسيرة الصراط خمسة عشر ألف فرسخ فانظر كيف تكون على الصراط وقال محمد بن السماك سمعت رجالا من زهاد أهل البصرة يقولون الصراط ثلاثة

آلاف سنة ألف سنة يصعدون فيه وألف سنة يستوي بهم وألف سنة يهبطون منه وروي فيض بن اسحاق عن الفضيل قال الصراط أربعون ألف فرسخ وروى ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء من حديث جعفر بن سليمان قال سمعت مالك بن دينار يسأل علي بن زيد وهو يبكي فقال يا أبا الحسن كم بلغك أن ولي الله يحبس على الصراط قال كقدر رجل في صلاة مكتوبة أتم ركوعها وسجودها قال فهل بلغك أن الصراط يتسع لأولياء الله قال نعم ومن حديث رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال قال بلغنا أن الصراط يكون على بعض الناس أدق من الشعر وعلى بعض الناس مثل الوادي الواسع وقال سهل التستري من دق عليه الصراط في الدنيا عرض له في الآخرة ومن عرض عليه الصراط في الدنيا دق عليه في الآخرة ومعنى هذا أن من ضيق على نفسه في الدنيا باتباع الأمر واجتناب النهي وهو حقيقة الاستقامة على الصراط المستقيم في الدنيا كان جزاؤه أن يتسع له الصراط في الآخرة ومن وسع على نفسه في الدنيا باتباع الشهوات المحرمة والشبهات المضلة حتى خرج عن الصراط المستقيم ضاق عليه الصراط في الآخرة بحسب ذلك والله أعلم رأى بعض السلف رجلا يضحك فقال له ما أضحكك ليس تقر عينك أبدا أو تخلف جهنم وراءك وقال أحمد بن أبي الحواري حدثنا يونس الحذاء عن أبي حمزة البيساني عن معاذ بن جبل يرفعه قال إن المؤمن لا تسكن روعته ولا يأمن اضطرابه حتى يخلف جسر جهنم خلف ظهره خرجه ابن أبي حاتم وقال أبو حمزة مجهود ويونس الحذاء قال وأبو حمزة عن معاذ مرسل والله أعلم

 
 

Document sans titre
 

Warning: main() [function.main]: open_basedir restriction in effect. File(/mnt/113/sdc/d/6/kutub/stats/php-stats.redir.php) is not within the allowed path(s): (/mnt/110/sda/d/6/kutub) in /mnt/110/sda/d/6/kutub/Akhlaq/takhwif/026.php on line 78

Warning: main(/mnt/113/sdc/d/6/kutub/stats/php-stats.redir.php) [function.main]: failed to open stream: Operation not permitted in /mnt/110/sda/d/6/kutub/Akhlaq/takhwif/026.php on line 78

Warning: main() [function.include]: Failed opening '/mnt/113/sdc/d/6/kutub/stats/php-stats.redir.php' for inclusion (include_path='/mnt/110/sda/d/6/kutub/include:.:/usr/php4/lib/php') in /mnt/110/sda/d/6/kutub/Akhlaq/takhwif/026.php on line 78