كتب الأخلاق و الرقائق - التخويف من النار
 
ابن رجب الحنبلي
الباب الخامس عشر

الباب الخامس عشر في ذكر سلاسلها وأغلالها وأنكالها قال الله تعالى إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا [ الإنسان 4 ] وقال الله تعالى وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا [ سبأ 33 ] وقال الله تعالى إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون [ غافر 71 ، 72 ] وقال خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه [ الحاقة 30 - 32 ] وقال تعالى إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما [ المزمل 12 - 13 ] وقرأ ابن عباس والسلاسل يسحبون [ غافر 71 ] ينصب السلاسل وفتح ياء يسحبون قال هو أشد عليهم هم يسحبون السلاسل خرجه ابن أبي حاتم فهذه ثلاثة أنواع أحدها الأغلال وهي في الأعناق كما ذكر سبحانه قال الحسن بن صالح الغل تغل اليد الواحدة إلى العنق والصفد اليدان جميعا إلى العنق خرجه ابن أبي الدنيا وقال أسباط عن السدي الأصفاد تجمع اليدين إلى العنق وقال معمر عن قتادة في قوله مقرنين في الأصفاد [ إبراهيم 49 ] قال مقرنين في القيود والأغلال قال عيينة بن الغصن عن الحسن إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم اعجزوا الرب عز وجل ولكنها إذا طفئ بهم اللهب أرستهم قال ثم خر الحسن مغشيا عليه وقال سيار بن حاتم حدثنا مسكين عن حوشب عن الحسن أنه ذكر النار فقال لو أن غلا منها وضع على الجبال لقصمها إلى الماء الأسود ولو أن ذراعا من السلسلة وضع على جبل لرضه وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن موسى بن أبي عائشة أنه قرأ قوله تعالى أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة [ الزمر 24 ] قال تشد أيديهم بالأغلال في النار فيستقبلون العذاب بوجوههم قد شدت أيديهم فلا يقدرون على أن يتقوا بها كلما جاء نوع من العذاب يستقبلون بوجوههم وبإسناده عن فيض بن إسحاق عن فضيل بن عياض إذا قال الرب تبارك وتعالى خذوه فغلوه [ الحاقة 30 ] تبدره سبعون ألف ملك كلهم يتبدر حتى أيهم يجعل الغل في عنقه النوع الثاني الأنكال وهي القيود قال مجاهد والحسن وعكرمة وغيرهم قال الحسن قيود من نار قال أبو عمران الجوني قيود لا تحل والله أبدا وواحد الأكال نكل وسميت القيود أنكالا لأنه ينكل بها أي يمنع وروي أبو سنان عن الحسن أما وعزته ما قيدهم مخافة أن يعجزوه ولكن قيدهم لترسي تعالى في النار وقال الأعمش الصفد القيود وقوله تعالى مقرنين في الأصفاد [ إبراهيم 49 ] القيود وقد سبق عن أبي صالح في قوله في عمد ممددة [ الهمزة 9 ] قال القيود الطوال النوع الثالث السلاسل خرج الإمام أحمد وغيره من طريق أبي السمح عن عيسى ابن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو أن رصاصة مثل هذه وأشار إلى مثل الجمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة عام لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصولها غريب وفي رفعه نظر والله أعلم وفي حديث عدي الكندي عن عمر أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لو أن حلقة من سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لانقضت ولم يردها شئ حتى تنتهي إلى الأرض السابعة السفلى خرجه الطبراني وسبق الكلام على إسناده وروى سفيان عن بشير عن نوف الشامي في قوله تعالى ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه [ الحاقة 32 ] قال إن الذراع سبعون باعا والباع من ها هنا إلى مكة وهو يومئذ بالكوفة وقال ابن المبارك أنبأنا بكار عن عبد الله سمع ابن أبي مليكة يحدث أن كعبا قال إن حلقة من السلسلة التي قال الله ذرعها سبعون ذراعا إن حلقة منها أكثر من حديد الدنيا [ وقال ابن جريج في قوله ذرعها سبعون ذراعا قال بذراع الملك ] فإن وقال ابن المنكدر لو جمع حديد الدنيا كله ما خلا منها وما بقي ما عدل حلقة من الحلق التي ذكر الله في كتابه تعالى فقال في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا أخرجه أبو نعيم قال ابن المبارك عن سفيان في قوله فاسلكوه قال بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج منه وقال ابن جريج [ قال ابن عباس السلسلة تدخل في استه ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حتى يشوى ] عمر خرجه ابن أبي حاتم وخرج أيضا من رواية العوفي عن ابن عباس قال تسلك في دبره حتى تخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه

وخرج ابن أبي الدنيا من طريق خلف بن خليفة عن أبي هاشم قال يجعل لهم أوتاد في جهنم فيها سلاسل فتلقى في أعناقهم فتزفر جهنم زفرة فتذهب بهم مسيرة خمسمائة سنة ثم تجئ بهم في يوم فذلك قوله وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ الحج 47 ] ومن طريق أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير قال لو انفلت رجل من أهل النار بسلسلة لزالت الجبال وقال جويبر عن الضحاك في قوله فيؤخذ بالنواصي والأقدام [ الرحمن 41 ] قال يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره وقال السدي في هذه الآية يجمع بين ناصية الكافر وقدميه فتربط ناصيته بقدمه وظهره ويفتل وذكر الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال يؤخذ بناصيته وقدميه ويكسر ظهره كما يكسر الحطب في التنور وقال سيار بن حاتم حدثنا مسكين عن حوشب عن الحسن قال إن جهنم ليغلي عليها من الدهر إلى يوم القيامة يحمي طعامها وشرابها وأغلالها ولو أن غلا منها وضع على الجبال لقصمها إلى الماء الأسود ولو أن ذراعا من السلسلة وضع على جبل لرضه ولو أن جبلا كان بينه وبين عذاب الله عز وجل مسيرة خمسمائة عام لذاب ذلك الجبل وإنهم ليجمعون النبي في السلسلة من آخرهم فتأكلهم النار وتبقى الأرواح ورواه ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن عمر الجشمي عن المنهال بن عيسى العبدي عن حوشب عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكره بمعناه وزاد في آخره تبقى الأرواح في
الحناجر تصرخ والموقوف أشبه وقال عبد الله بن الإمام أحمد أخبرت عن سيار عن ابن المعزى وكان من خيار الناس قال بلغني أن الأبدان تذهب وتبقى الأرواح في السلاسل وخرج الطبراني وابن أبي حاتم من طريق منصور بن عمار حدثنا بشير بن طلحة عن خالد بن الدريك عن يعلى بن منية رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ينشئ الله سبحانه لأهل النار سحابة سوداء مظلمة فيقال يا أهل النار أي شئ يطلبون فيذكرون بها سحابة الدنيا فيقولون يا ربنا الشراب فتمطرهم أغلالا تزيد في أغلالهم وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمرا يلتهب عليهم وخرجه ابن أبي الدنيا موقوفا لم يرفعه وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية وغيره عن أبي هريرة فذكر قصة الاسراء بطولها وفيها قال ثم أتى على واد يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا منتنه فقال ما هذا يا جبريل فقال هذا صوت جهنم تقول رب آتني ما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وغساقي وعذابي وقد بعد قعري واشتد حري فآتني ما وعدتني قال لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب فصل [ في تفسير قوله تعالى ولهم مقامع من حديد ] قال الله تعالى ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها [ الحج 21 - 22 ] قال جويبر عن الضحاك مقامع من حديد أي مطارق وروى ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لو أن مقمعا من حديد وضع في الأرض فاجتمع له الثقلان لما أقلوه من الأرض خرجه الإمام أحمد وخرج أيضا بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو ضرب الجبل بمقامع من حديد لتفتت ثم عاد قال الإمام أحمد في كتاب الزهد حدثنا سيار حدثنا جعفر سمعت مالك بن دينار قال إذا أحس أهل النار في النار بضرب المقامع انغمسوا في حياض الحميم فيذهبون سفالا كما يغرق الرجل في الماء في الدنيا ويذهب سفالا سفالا قال سعيد عن قتادة [ قال عمر بن الخطاب ذكروهم النار لعلهم يفرقون فإ حرها شديد وقعرها بعيد وشرابها الصديد ومقامعها الحديد ] وإن وذكر ابن أبي الدنيا بإسناده عن صالح المري أنه [ قرأ على بعض العباد إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون [ غافر 71 ، 72 ] قال فشهق الرجل شهقة فإذا هو قد يبس مغشيا عليه قال فخرجنا من عنده وتركناه وقرأ رجل على يزيد الضبي وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد [ إبراهيم 49 ] فجعل يزيد يبكي حتى غشي عليه خرجه عبد الله بن الإمام أحمد وقد سبق عن مالك بن دينار أنه قام ليلة في وسط الدار إلى الصباح فقال ما زال أهل النار يعرضون علي في سلاسلهم وأغلالهم حتى الصباح

 
 

Document sans titre
 

Warning: main() [function.main]: open_basedir restriction in effect. File(/mnt/113/sdc/d/6/kutub/stats/php-stats.redir.php) is not within the allowed path(s): (/mnt/110/sda/d/6/kutub) in /mnt/110/sda/d/6/kutub/Akhlaq/takhwif/015.php on line 71

Warning: main(/mnt/113/sdc/d/6/kutub/stats/php-stats.redir.php) [function.main]: failed to open stream: Operation not permitted in /mnt/110/sda/d/6/kutub/Akhlaq/takhwif/015.php on line 71

Warning: main() [function.include]: Failed opening '/mnt/113/sdc/d/6/kutub/stats/php-stats.redir.php' for inclusion (include_path='/mnt/110/sda/d/6/kutub/include:.:/usr/php4/lib/php') in /mnt/110/sda/d/6/kutub/Akhlaq/takhwif/015.php on line 71