الباب الحادي عشر في ذكر سجر جهنم وتسعيرها قد سبق في غير حديث انه أوقد عليها ثلاثة آلاف عام وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لما خلق الله النار أرسل إليها جبريل قال له اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها قال فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضا فرجع فقال وعزتك لا يدخلها أحد سمع بها فأمر بها فحفت بالشهوات ثم قال له اذهب فانظر
إلى ما أعددت لأهلها فيها فذهب فنظر إليها ورجع فقال وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي [ وفي حديث سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إن ملكين أتياه في المنام فذكر رؤيا طويلة وفيها قال فانطلقت فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء فإذا هو عند نار يحشها ويسعى حولها قال قلت ما هذا قالا لي انطلق وفي آخر الحديث قالا فأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم وقد خرجه البخاري بتمامه وخرج مسلم أوله ولم يتمه ] عند وقوله كريه المرآة أي المنظر وقوله يحشها أي يوقدها وروى هذا الحديث أبو خلدة عن أبي رجاء عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكر الحديث بطوله وفي حديثه قال فرأيت شجرة لو اجتمع تحتها خلق كثير لأظلتهم لأنه وتحتها رجلان أحدهما يوقد نارا والآخر يحتطب الحطب وفي
آخر الحديث قلت فالرجلان اللذان رأيت تحت الشجرة قال ذلك ملكا جهنم يحمون جهنم لأعداء الله يوم القيامة فصل [ تسجر جهنم كل يوم نصف النهار ] [ وجهنم أخبرنا تسجر كل يوم نصف النهار وفي صحيح مسلم عن عمرو بن عبسة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل فإن الصلاة مشهودة حتى يستقل الظل بالرمح ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم فإذا أقبل الفئ فصل وذكر بقية الحديث [ يا وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير وجه من حديث أبي أمامة وغيره وفي حديث صفوان بن المعطل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا طلعت الشمس فصل حتى تعتدل على رأسك مثل الرمح فإذا اعتدلت على رأسك فإن تلك الساعة تسجر
فيها جهنم وتفتح فيها أبوابها حتى تزول عن حاجبك الأيمن خرجه عبد الله بن الإمام أحمد وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فإذا انتصف النهار فأقصر عن الصلاة حتى تميل الشمس فإنها حينئذ تسعر جهنم وشدة الحر من فيح جهنم وروي أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال إن الشمس تطلع بين قرني شيطان أو في قرني شيطان فما ترتفع فصمة في السماء إلا فتح لها باب من أبواب النار فإذا كانت الظهيرة فتحت أبواب النار كلها فكنا ننهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ونصف النهار خرجه يعقوب بن شبة ورواه الإمام أحمد عن أبي بكر بن عياش أيضا [ وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم وفي رواية خرجها أبو نعيم
من فيح جهنم أو من فيح أبواب جهنم وخرج أو دارد من جديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال إن جهنم تسجر مدى الايام إلا يوم الجمعة وفى إسناده انقطاع وضعف فصل [ تسجر جهنم في غير نصف النهار ] [ وتسجر أحيانا في غير نصف النهار كما خرجه الطبراني من حديث ابن أم مكتوم قال خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات غداة فقال سعرت النار وجاءت الفتن فذكر الحديث ] ومن طريق عبيدالله بن سعيد قائد الأعمش عن الأعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يا أهل الحجرات سعرت النار لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا عبيد الله بن سعيد فيه ضعف والصحيح أن الأعمش رواه عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير مرسلا وقيل عن الأعمش عن أبي سفيان عن ابن عمر ولا يصح وفي حديث عدي بن عدي عن عمر أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وآله
وسلم جئتك حين أمر الله عز وجل بمنافيخ النار فوضعت على النار الحديث وروي أيضا من حديث الحسن مرسلا وفي الاسنادين ضعف فصل [ تسجر جهنم بخطايا بني آدم ] لو [ وتسجر أيضا يوم القيامة قال الله تعالى وإذا الجحيم سعرت وإذا الجنة
أزلفت علمت نفس ما أحضرت [ التكوير 12 - 14 ] وقرئ سعرت وسعرت بالتشديد والتخفيف قال الزجاج المعنى واحد إلا أن معنى المشدد أوقدت مرة بعد مرة قال قتادة وإذا الجحيم سعرت أوقدت وقال السدي أحميت وقال سعيد بن بشير عن قتادة يسعرها غضب الله وخطايا بني آدم خرجه ابن أبي حاتم وهذا يقتضي أن تسعير جهنم حيث سعرت إنما سعرت بخطايا بني آدم التي تقتضي غضب الله عليهم فتزداد جهنم حينئذ تلهبا وتسعرا يكون وهذا كما أن بناء دور الجنة غرس الأشجار يحصل بأعمال بني آدم الصالحة من الذكر وغيره وكذلك حسن ما فيها من الزوجات وغيرهن يتزايد بتحسين الأعمال الصالحة فكذلك جهنم تسعر وتزداد آلات العذاب فيها بكثرة ذنوب بني آدم وخطاياهم وغضب الرب تعالى عليهم نعوذ بالله من غضب الله ومن النار وما قرب إليها من قول وعمل بمنه وكرمه وقد سبق في الباب الخامس صفة تسعر النار يوم القيامة ومزيدها مع بإيقاد البحر وإضافته إليها فصل [ تسجر سعيد جهنم بعد دخول أهلها ] [ وتسجر على أهلها بعد دخولهم إليها قال الله عز وجل ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا [ الاسراء 97 ] قال ابن عباس كلما طفئت أوقدت وقال ابن عباس خبت سكنت وقال ابن قتيبة خبت النار إذا سكن لهبها فاللهب يسكن والجمر يعمل وقال غيره من المفسرين تأكلهم فإذا صاروا فحما ولم تجد النار شيئا تأكله أعيد خلقهم خلقا جديدا فتعود لأكلهم وقوله زدناهم سعيرا أي نارا تتسعر وتتلهب بكر وقد روي عن عمرو بن عبسة ان في جهنم بئر يقال له الفلق منه تسعر جهنم إذا
سعرت وسنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى والمعنى أنه يكشف ذلك البئر فيخرج منه نار تلهب جهنم وتوقدها وقال الله تعالى فأنذرتكم نارا تلظى [ الليل 41 ] قال مجاهد وغيره توهج [ قرأ قد عمر بن عبد العزيز ليلة في صلاته سورة والليل إذا يغشى فلما بلغ قوله فأنذرتكم نارا تلظى [ الليل 14 ] بكى فلم يستطع أن يجاوزها ثم عاد فتلا السورة حتى بلغ الآية فلم يستطع أن يجاوزها مرتين أو ثلاثا ثم قرأ سورة أخرى غيرها ] |