قصة يونس عليه السلام قال الله تعالى في سورة يونس: " فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين (1) ".
وقال تعالى في سورة الانبياء: " وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المومنين (2) " وقال تعالى في سورة والصافات: " وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمة الحوت وهو مليم * فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون * فنبذناه بالعراء وهو سقيم * وأنبتنا عليه شجرة من يقطين * وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلى حين (3) " وقال تعالى في سورة ن: " فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذمون * فاجتباه ربه فجعله من الصالحين (4) ".
قال أهل التفسير: بعث الله ينس عليه السلام إلى أهل " نينوى "
__________
(1) الآية: 98 (2) الآيتان: 87، 88
(3) الآيات: 129 - 148 (4) الآيات: 48 - 50 (*)
من أرض الموصل، فدعاهم إلى الله عزوجل، فكذبوه وتمردوا على كفرهم وعنادهم، فلما طال ذلك عليه من أمرهم خرج من بين أظهرهم، ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث.
قال ابن مسعود ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة، وغير واحد من السلف والخلف: فلما خرج من بين ظهرانيهم، وتحققوا نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والانابة، وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم، فلبسوا المسوح وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عجوا إلى الله عزوجل، وصرخوا وتضرعوا إليه، وتمسكنوا لديه، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والامهات.
وجأرت الانعام والدواب والمواشى، فرغت الابل وفصلانها، وخارت البقر وأولادها، وثغث الغنم وحملانها وكانت ساعة عظيمة هائلة.
فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته، عنهم العذاب الذى كان قد اتصل بهم سببه، ودار على رؤوسهم كقطع الليل المظلم.
ولهذا قال تعالى: " فلولا كانت قرية آمنت فنقعها إيمانها " أي هلا وجدت فيما سلف من القرون قرية آمنت بكمالها، فدل على أنه لم يقع ذلك، بل كما قال تعالى: " وما أرسلنا في قرية من نبى إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون ".
وقوله: " إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين " أي آمنوا بكمالهم.
وقد اختلف المفسرون: هل ينفعهم هذا الايمان في الدار الآخرة،
فينقذهم من العذاب الاخروي كما أنقذهم من العذاب الدنيوي ؟ على قولين:
الاظهر من السياق: نعم.
والله أعلم، كما قال تعالى: " لما آمنوا " وقال تعالى: " وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلى حين "، وهذا المتاع إلى حين لا ينفى أن يكون معه غيره من رفع العذاب الاخروي، والله أعلم.
وقد كانوا مائة ألف لا محالة.
واختلفوا في الزيادة: فعن مكحول عشرة آلاف.
وروى الترمذي وابن جرير وابن أبى حاتم من حديث زهير عمن سمع أبا العالية: حدثنى أبى بن كعب، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: " وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون " قال: " يزيدون عشرين ألفا " فلولا هذا الرجل المبهم لكان هذا الحديث فاصلا في هذا الباب.
وعن ابن عباس: كانوا مائة ألف وثلاثين ألفا، وعنه: وبضعة وثلاثين ألفا، وعنه وبضعة وأربعين ألفا.
وقال سعيد بن جبير: كانوا مائة ألف وسبعين ألفا.
واختلفوا: هل كان إرساله إليهم قبل الحوت أو بعده ؟ أوهما أمتان ؟ على ثلاثة أقوال: هي مبسوطة في التفسير.
* * * والمقصود أنه عليه السلام لما ذهب مغاضبا بسبب قومه، ركب سفينة في البحر فلجت بهم، واضطربت وماجت بهم وثقلت بما فيها، وكادوا يغرقون على ما ذكره المفسرون.
قالوا: فاشتوروا فيما بينهم على أن يقترعوا، فمن وقعت عليه القرعة القوة من السفينة ليتخففوا منه.
فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبى الله يونس فلم يسمحوا به، فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضا، فشمر (1) ليخلع ثيابه ويلقى بنفسه، فأبوا عليه ذلك.
ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت عليه أيضا، لما يريده الله به من الامر العظيم.
قال الله تعالى: " وإن يونس لمن المرسليمن * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم ".
وذلك أنه لما وقعت عليه القرعة ألقى في البحر، وبعث الله عزوجل حوتا عظيما من البحر الاخضر فالتقمه وأمره الله تعالى أن لا يأكل له لحما ولا يهشم له عظما فليس لك برزق، فأخذه فطاف [ به (2) ] البحار كلها.
وقيل إنه ابتلع ذلك الحوت حوت آخر أكبر منه.
قالوا: ولما استقر في جوف الحوت حسب أنه قد مات، فحرك جوارحه فتحركت، فإذا هو حى فخر لله ساجدا وقال: يا رب اتخذت لك السجدا [ في موضع (2) ] لم يعبدك أحد في مثله.
وقد اختلفوا في مقدار لبئه في بطنه.
فقال مجالد عن الشعبى: التقمه ضحى ولفظه عشية، وقال قتادة: مكث فيه ثلاثا، وقال جعفر الصادق سبعة أيام.
ويشهد له شعر أمية بن أبى الصلت:
__________
(1) ا: فتشمر (2) ليست في ا (*)
وأنت بفضل منك نجيت يونسا * وقد بات في أضعاف حوت لياليا وقال سعيد بن [ أبى (1) ] الحسن وأبو مالك: مكث في جوفه أربعين
يوما.
والله أعلم كم مقدار ما لبث فيه.
* * * والمقصود أنه لما جعل الحوت يطوف به في قرار البحار اللجية، ويقتحم به لجج الموج الاجاجى (2)، فسمع تسبيح الحيتان للرحمن، وحتى سمع تسبيح الحصى لفالق الحب والنوى، ورب السموات السبع والارضين السبع وما بينها وما تحت الثرى.
فعند ذلك وهنالك، قال ما قال بلسان الحال والمقال، كما أخبر عنه ذو العزة والجلال، الذى يعلم السر والنجوى، ويكشف الضر والبلوى، سامع الاصوات وإن ضعفت، وعالم الخفيات وإن دقت، ومجيب الدعوات وإن عظمت، حيث قال في كتابه المبين، المنزل على رسوله الامين، وهو أصدق القائلين ورب العالمين وإله المرسلين: " وذا النون إذ ذهب " [ أي إلى أهله (1) ] " مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " " فظن أن لن نقدر عليه " أي نضيق عليه.
وقيل معناه: نقدر من التقدير وهى لغة مشهورة، قدر وقدر كما قال الشاعر.
فلا عائد ذاك الزمان الذى مضى * تباركت ; ما تقدر يكن، فلك الامر " فنادى في الظلمات " قال ابن مسعود وابن عباس وعمرو بن ميمون
__________
(1) ليست في ا (2) الاجاجى: الملح.
(*)
وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والحسن وقتادة والضحاك ; ظلمة الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل.
وقال سالم بن أبى الجعد: ابتلع الحوت حوت آخر فصارت ظلمة
الحوتين مع ظلمة البحر.
وقوله تعالى: " فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " قيل معناه فلولا أنه سبح الله هنالك، وقال ما قال من التهليل والتسبيح، والاعتراف لله بالخضوع، والتوبة إلى والرجوع إليه، للبث هنالك إلى يوم القيامة، ولبعث من جوف ذلك الحوت.
هذا معنى ماروى عن سعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه.
وقيل معناه: " فلولا أنه كان " من قبل أخذ الحوت له " من المسبحين " أي المطيعين المصلين الذاكرين الله كثيرا.
قاله الضحاك بن قيس وابن عباس وأبو العالية ووهب بن منبه وسعيد بن جبير والضحاك والسدى وعطاء بن السائب والحسن البصري وقتادة وغير واحد، واختاره ابن جرير.
ويشهد لهذا ما رواه الامام أحمد وبعض أهل السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " يا غلام إنى معلمك كلمات: احفظ الله يحفضك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ".
وروى ابن جرير في تفسيره، والبزار في مسنده من حديث محمد بن
إسحق، عمن حدثه، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة [ قال (1) ] سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما أراد الله حبس يونس في بطن [ الحوت (1) ] أوحى الله إلى الحوت: أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما.
فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا، فقال في نفسه ماهذا ؟ فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت: إن هذا
تسبيح دواب البحر.
قال فسبح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا: يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة ! قال: ذلك عبدى يونس، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر.
قالوا: العبد الصالح ; الذى كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح ؟ قال: نعم.
قال فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذفه في الساحل كما قال الله: " وهو سقيم ".
هذا لفظ ابن جرير إسنادا ومتنا.
ثم قال البزار: لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الاسناد.
كذا قال.
وقد قال ابن أبى حاتم في تفسيره: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن [ ابن (2) ] أخى وهب، حدثنا عمى، حدثنى أبو صخر، أن يزيد الرفاشى قال: سمعت أنس بن مالك، ولا أعلم إلا أن أنسا يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن يونس النبي عليه السلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين.
فأقبلت [ هذه ] (2) الدعوة تحت العرش، فقالت الملائكة: يا رب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة.
فقال:
__________
(1) ليست في ا (2) سقطت من ا (*)
أما تعرفون ذاك ؟ قالوا: لا يا رب ومن هو ؟ قال: عبدى يونس.
قالوا: عبدك يونس الذى لم يزل يرفع له عمل متقبل (1) ودعوة مجابة ؟ قالوا: يا ربنا ! أو لا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ قال: بلى.
فأمر الحوت فطرحه في العراء ".
ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب به.
زاد ابن أبى حاتم: قال أبو صخر حميد بن زياد فأخبرني ابن قسيط
وأنا أحدثه هذا الحديث، أنه سمع أبا هريرة يقول: طرح بالعراء، وأنبت الله عليه اليقطينة.
قلنا: يا أبا هريرة وما اليقطينة ؟ قال شجرة الدباء [ قال أبو هريرة (2) ] وهيأ الله له أروية (3) وحشية تأكل من خشاش الارض، أو قال هشاش الارض، قال: فتفسخ عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت.
وقال [ أمية (2) ] بن أبى الصلت في ذلك بيتا من شعره ؟ فأنبت يقطينا عليه برحمة * من الله لولا الله أصبح ضاويا (4) وهذا غريب أيضا من هذا الوجه.
ويزيد الرقاشى ضعيف، ولكن يتقوى بحديث أبى هريرة المتقدم ; كما يتقوى ذاك بهذا، والله أعلم.
وقد قال الله تعالى: " فنبذناه " أي ألقيناه " بالعراء " وهو المكان القفر الذى ليس فيه شئ من الاشجار، بل هو عار منها، " وهو سقيم "
__________
(1) ا: لم نزل ترفع له عملا متقبلا (2) سقطت من ا (3) الاروية: أنثى الوعل.
والجمع أروى وانظر الحيوان للجاحظ 3 / 498.
(4) ا: ألفى ضاحيا (*)
أي ضعيف البدن.
قال ابن مسعود: كهيئة الفرخ ليس عليه ريش، وقال ابن عباس والسدى وابن زيد: كهيئة الصبى [ حين يولد (1) ] وهو المنفوس ليس عليه شئ.
" وأنبتنا على شجرة من يقطين " قال ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير ووهب بن منبه وهلال بن يساف و عبد الله بن طاووس والسى وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغير واحد: هو القرع.
قال بعض العلماء: في إنبات القرع عليه حكم جمة ; منها أن ورقه في
غاية النعومة، وكثير وظليل، ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره، نيا ومطبوخا، وبقشره وببزره أيضا.
وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك.
وتقدم كلام أبى هريرة في تسخير الله تعالى لخه تلك الاروية التى كانت ترضعه لبنها وترعى في البرية، وتأتيه بكرة وعشية.
وهذا من رحمة الله به ونعمته عليه وإحسانه إليه.
ولهذا قال تعالى: " فاستجبنا له فنجيناه من الغم " أي الكرب والضيق الذى كان فيه " وكذلك ننجي المؤمنين " أي وهذا صنيعنا بكل من دعانا واستجار بنا.
قال ابن جرير: حدثنى عمران (2) بن بكار الكلاعى، حدثنا يحيى ابن صالح، حدثنا أبويحيى بن عبد الرحمن، حدثنى بشر بن منصور، عن على بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: سمعت سعد (3) بن مالك - وهو ابن أبى وقاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اسم الله الذى
__________
(1) سقطت من ا (2) ا عمر.
(3) ا: سعيد.
(*)
إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى، دعوة يونس بن متى " قال: فقلت: يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين ؟ قال: هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها، ألم تسمع قول الله تعالى: " فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " فهو شرط من الله لمن دعاه به.
وقال ابن أبى حاتم: حدثنا أبو سعيد الاشج، حدثنا أبو خالد الاحمر عن كثير بن زيد، عن المطلب بن حنطب قال أبو خالد: أحسبه عن مصعب - يعنى ابن سعد - عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من دعا بدعاء يونس استجيب له ".
قال أبو سعيد الاشج: يريد به: " وكذلك ننجي المؤمنين ".
وهذان طريقان عن سعد.
وثالث أحسن منهما: وقال الامام أحمد: حدثنا إسماعيل بن عمير، حدثنا يونس بن ابى إسحق الهمداني، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد، حدثنى والدى محمد، عن أبيه سعد - وهو ابن أبى وقاص رضى الله عنه - قال: مررت بعثمان بن عفان في المسجد فسلمت عليه، فملا عينيه منى ثم لم يرد على السلام، [ فأتيت عمر بن الخطاب فقلت يا أمير المؤمنين: هل حدث في الاسلام شئ ؟ قال: لا.
وماذاك ؟ قلت لا، إلا أنى مررت بعثمان آنفا في المسجد فسلمت عليه فملا عينيه منى ثم لم يرد على السلام (1) ] قال: فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه، فقال: ما منعك أن لاتكزون رددت على
__________
(1) سقطت من.
(*)
أخيك السلام ؟ قال: ما فعلت.
قال سعد: قلت بلى، حتى حلف وحلفت.
قال: ثم إن عثمان ذكر فقال بلى، وأستغفر الله وأتوب إليه، إنك مررت بى آنفا، وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشى بصرى وقلبي غشاوة.
قال سعد: فأنا أنبئك بها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أول دعوة، ثم جاء أعرابي فشغله حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته، فلما أشفقت أن يسبقنى إلى منزله ضربت بقدمى الارض، فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " من هذا ؟ أبو إسحق ؟ " قال: قلت نعم يا رسول الله قال: " خه (1) ؟ قلت لا والله، إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة، ثم جاء هذا
الاعرابي فشغلك.
قال: " نعم دعوة ذى النون إذ هو في بطن الحوت " لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين "، فإنه لم يدع بها [ مسلم ربه (2) ] في شئ قط إلا استجاب له ".
ورواه الترمذي والنسائي من حديث إبراهيم بن محمد بن سعد به.
ذكر فضل يونس عليه السلام قال الله تعالى: " وإن يونس لمن المرسلين " وذكره تعالى في جملة الانبياء الكرامو في سورتي النساء والانعام، عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام.
وقال الامام أحمد: حدثنا وكيع، حثنا سفيان، عن الاعمش، عن أبى وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ينبغى لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ".
ورواه البخاري من حديث سفيان الثوري [ به (2) ].
__________
(1) المطبوعة: فمه.
محرفة.
(2) ليست في ا (*)
وقال البخاري أيضا: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما ينبغى لعبد أن يقول إنى خير من يونس بن متى.
ونسبه إلى أبيه ".
ورواه أحمد ومسلم وأبو داود من حديث شعبة به.
قال شعبة فيما حكاه أبو داود عنه: لم يسمع قتادة من أبى العالية سوى أربعة أحاديث، هذا أحدها.
وقد رواه الامام [ أحمد (1) ] عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن على بن زيد عن يونس (2) بن مهران، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما ينبغى لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ".
تفرد به أحمد.
ورواه الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان، حدثنا عبد الله بن رجاء، أنبأنا إسرائيل، عمن أبى يحيى العتاب، عن مجاهد، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينبغى لاحد أن يقول أنا عند الله خير من يونس بن متى ".
إسناده جيد ولم يخرجوه.
وقال البخاري: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، سمعت حميد بن عبد الرحمن، عن أبى هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا ينبغى لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ".
وكذا رواه مسلم من حديث شعبة به.
__________
(1) ليست في ا (2) ط: يوسف.
(*)
وفى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن ابن هرمز الاعرج، عن أبى هريرة في قصة المسلم الذى لطم وجه اليهودي حين قال: لا والذى اصطفى موسى على العالمين.
قال البخاري في آخره: ولا أقول: إن أحدا أفضل (1) من يونس بن متى [ وهذا اللفظ يقوى أحد القولين من المعنى: لا ينبغى لاحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى (2) ] أي ليس لاحد أن يفضل نفسه على يونس.
والقول الآخر: لا ينبغى لاحد أن يفضلني على يونس بن متى، كما قد ورد في بعض الاحاديث: " لا تفضلوني على الانبياء ولا على يونس بن متى " وهذا من باب الهضم والتواضع منه صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر أنبياء الله والمرسلين.
وإلى هنا ينتهى الجزء الاول من " قصص الانبياء لابن كثير " ويتلوه
يقول أنا عند الله خير من يونس بن متى ".
إسناده جيد ولم يخرجوه.
وقال البخاري: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، سمعت حميد بن عبد الرحمن، عن أبى هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا ينبغى لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ".
وكذا رواه مسلم من حديث شعبة به.
__________
(1) ليست في ا (2) ط: يوسف.
(*)
وفى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن ابن هرمز الاعرج، عن أبى هريرة في قصة المسلم الذى لطم وجه اليهودي حين قال: لا والذى اصطفى موسى على العالمين.
قال البخاري في آخره: ولا أقول: إن أحدا أفضل (1) من يونس بن متى [ وهذا اللفظ يقوى أحد القولين من المعنى: لا ينبغى لاحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى (2) ] أي ليس لاحد أن يفضل نفسه على يونس.
والقول الآخر: لا ينبغى لاحد أن يفضلني على يونس بن متى، كما قد ورد في بعض الاحاديث: " لا تفضلوني على الانبياء ولا على يونس بن متى " وهذا من باب الهضم والتواضع منه صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر أنبياء الله والمرسلين.
وإلى هنا ينتهى الجزء الاول من " قصص الانبياء لابن كثير " ويتلوه الجزء الثاني وأوله: " قصة موسى الكليم " بعون الله وتوفيقه.
__________
(1) ا: خير (2) ليست في ا (3) سقطت من المطبوعة ! (*)
قصص الانبياء - ابن كثير ج 2
قصص الانبياء
ابن كثير ج 2
قصص الانبياء للامام أبى الفداء إسماعيل بن كثير 701، 774 ه - تحقيق مصطفى عبد الواحد الجزء الثاني يطلب من دار الكتب الحديثة 14 شارع الجمهورية بعابدين ت: 916107
الطبعة الاولى 1388 ه - 1968 م مطبعة دار التأليف 8 شارع يعقوب المالية بمصرإت 21825 |