تاريخ الخلفاء - المتقي لله أبو إسحاق
 
المتقي لله أبو إسحاق


المتقي لله: أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر بن المعتضد بن الموفق طلحة بن المتوكل.
بويع له بالخلافة بعد موت أخيه الراضي وهو ابن أربع وثلاثين سنة وأمه أمة اسمها خلوب وقيل زهرة ولم يغير شيئاً قط ولا تسرى على جاريته التي كانت له وكان كثير الصوم والتعبد ولم يشرب نبيذاً قط وكان يقول لا أريد نديماً غير المصحف ولم يكن له سوى الاسم والتدبير لأبي عبد الله أحمد بن علي الكوفي كاتب بجكم.
وفي هذه السنة من ولايته سقطت القبة الخضراء بمدينة المنصورة وكانت تاج بغداد ومأثرة بني العباس وهى من بناء المنصور ارتفاعها ثمانون ذراعاً وتحتها إيوان طوله عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً وعليها تمثال فارس بيده رمح فإذا استقبل بوجهه جهة علم أن خارجياً يظهر من تلك الجهة فسقط رأس هذه القبة في ليلة ذات مطر ورعد.
وفي هذه السنة قتل بجكم التركي فولى إمرة الأمراء مكانه كورتكين الديلمي وأخذ المتقي حواصل بجكم التي كانت ببغداد وهي زيادة على ألف ألف دينار.
ثم في هذا العام ظهر ابن رائق فقاتل كورتكين ببغداد فهزم كورتكين واختفى وولي ابن رائق إمرة الأمراء مكانه.
وفي سنة ثلاثين كان الغلاء ببغداد فبلغ كر الحنطة ثلاثمائة وستة عشر ديناراً واشتد القحط وأكلوا الميتات وكان قحطاً لم ير ببغداد مثله أبداً.
وفيها خرج أبو الحسين علي بن محمد اليزيدي فخرج لقتاله الخليفة وابن رائق فهزما وهربا إلى الموصل ونهبت بغداد ودار الخلافة فلما وصل الخليفة إلى تكريت وجد هناك سيف الدولة أبا الحسن علي بن عبد الله بن حمدان وأخاه الحسن وقتل ابن رائق غيلة فولى الخليفة مكانه الحسن بن حمدان ولقبه ناصر الدولة وخلع على أخيه ولقبه سيف الدولة وعاد إلى بغداد وهما معه فهرب اليزيدي إلى واسط ثم ورد الخبر في ذي القعدة أن اليزيدي يريد بغداد فاضطرب الناس وهرب وجوه أهل بغداد وخرج الخليفة ليكون مع ناصر الدولة وسار سيف الدولة لقتال اليزيدي فكانت بينهما وقعة هائلة بقرب المدائن وهزم اليزيدي فعاد بالويل إلى واسط فساق سيف الدولة إلى واسط فانهزم اليزيدي إلى البصرة.
وفي سنة إحدى وثلاثين وصلت الروم إلى أرزن وميافارقين ونصيبين فقتلوا وسبوا ثم طلبوا منديلا في كنيسة الرها يزعمون أن المسيح مسح به وجهه فارتسمت صورته فيه على أنهم يطلقون جميع من سبوا فأرسل إليهم وأطلقوا الأسرى.

وفيها هاج الأمراء بواسط على سيف الدولة فهرب في البريد يريد بغداد ثم سار إلى الموصل أخوه ناصر الدولة خائفاً لهرب أخيه وسار من واسط تورون فقصد بغداد وقد هرب منه سيف الدولة إلى الموصل فدخل تورون بغداد في رمضان فخلع عليه المتقي وولاه أمير الأمراء ثم وقعت الوحشة بين المتقي وتورون فأرسل تورون أبا جعفر بن شيرزاد من واسط إلى بغداد فحكم عليها وأمر ونهى فكاتب المتقي ابن حمدان بالقدوم عليه فقدم في جيش عظيم واستتر ابن شيرزاد فسار المتقي بأهله إلى تكريت وخرج ناصر الدولة بجيش كثير من الأعراب والأكراد إلى قتال تورون فالتقيا بعكبرا فانهزم ابن حمدان والمتقي إلى الموصل ثم تلاقوا مرة أخرى فانهزم ابن حمدان والخليفة إلى نصيبين فكتب الخليفة إلى الأخشيد صاحب مصر أن يحضر إليه ثم بان له من بني حمدان الملل والضجر فراسل الخليفة تورون في الصلح فأجاب وبالغ في الإيمان ثم حضر الأخشيد إلى المتقي وهو بالرقة وقد بلغه مصالحة تورون فقال يا أمير المؤمنين أنا عبدك وابن عبدك وقد عرفت الأتراك وفجورهم وغدرهم فالله الله في نفسك سر معي إلى مصر فهي لك وتأمن على نفسك فلم يقبل فرجع الأخشيد إلى بلاده وخرج المتقي من الرقة إلى بغداد في رابع من المحرم سنة ثلاث وثلاثين وخرج للقائه تورون فالتقيا بين الأنبار وهيت فترجل تورون وقبل الأرض فأمر المتقي بالركوب فلم يفعل ومشى بين يديه إلى المخيم الذي ضربه له فلما نزل قبض عليه وعلى ابن مقلة ومن معه ثم كحل الخليفة وأدخل بغداد مسمول العينين وقد أخذ منه الخاتم والبردة والقضيب وأحضر تورون عبد الله بن المكتفي وبايعة بالخلافة ولقب المستكفي بالله ثم بايعه المتقي المسمول وأشهد على نفسه بالخلع مع ذلك لعشر بقين من المحرم وقيل من صفر ولما كحل قال القاهر:
صرت وإبراهيم شيخي عمى ... لا بد للشيخين من مصدر
ما دام تورون له إمرة ... مطاعة فالميل في المجمر
ولم يحل الحول على تورون حتى مات وأما المتقي فإنه أخرج إلى جزيرة مقابلة للسندية فسجن بها فأقام بالسجن خمس وعشرين سنة إلى أن مات في شعبان سنة سبع وخمسين.
وفي أيام المتقي كان ابن حمدي اللص ضمنه ابن شيرزاد لما تغلب على بغداد اللصوصية بها بخمسة وعشرين ألف دينار في الشهر فكان يكبس بيوت الناس بالمشعل والشمع ويأخذ الأموال وكان اسكورج الديلمي قد ولي شرطة بغداد فأخذه ووسطه وذلك سنة اثنتين وثلاثين.
مات في أيام المتقى من الأعلام: أبو يعقوب النهرجوري أحد أصحاب الجنيد والقاضي أبو عبيد الله المحاملي وأبو بكر الفرغاني الصوفي والحافظ أبو العباس بن عقدة وابن ولاد النحوي وآخرون.
ولما بلغ القاهر أنه سمل قال: صرنا اثنين نحتاج إلى ثالث فكان كذلك سمل المستكفي.

 
 

Document sans titre
 

Warning: main() [function.main]: open_basedir restriction in effect. File(/mnt/113/sdc/d/6/kutub/stats/php-stats.redir.php) is not within the allowed path(s): (/mnt/110/sda/d/6/kutub) in /mnt/110/sda/d/6/kutub/History/kholafa/040.php on line 74

Warning: main(/mnt/113/sdc/d/6/kutub/stats/php-stats.redir.php) [function.main]: failed to open stream: Operation not permitted in /mnt/110/sda/d/6/kutub/History/kholafa/040.php on line 74

Warning: main() [function.include]: Failed opening '/mnt/113/sdc/d/6/kutub/stats/php-stats.redir.php' for inclusion (include_path='/mnt/110/sda/d/6/kutub/include:.:/usr/php4/lib/php') in /mnt/110/sda/d/6/kutub/History/kholafa/040.php on line 74